الأولى: العلم، وهو معرفة الله، ومعرفة نبيه، ومعرفة دين الإسلام بالأدلة.
الثانية: العمل به.
الثالثة: الدعوة إليه.
الرابعة:الصبر على الأذى فيه.
والدليل قوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم: وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ [العصر:1-3].
قال الشافعي رحمه الله تعالى: ( لو ما أنزل الله حجة على خلقه إلا هذه السورة لكفتهم ).
وقال البخاري رحمه الله تعالى: ( باب العلم قبل القول والعمل، والدليل قوله تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ [محمد:19]. فبدأ بالعلم قبل القول والعمل ).
اعلم رحمك الله أنه يجب على كل مسلم ومسلمة، تعلم هذه الثلاث مسائل، والعمل بهن:
الأولى: أن الله خلقنا ورزقنا ولم يتركنا هملاً، بل أرسل إلينا رسولاً، فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه دخل النار.
وهو الاستسلام لله بالتوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله، وهو ثلاث مراتب: الإسلام، والإيمان، والإحسان، وكل مرتبة لها أركان. المرتبة الأولى: فأركان الإسلام خمسة: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام. فدليل الشهادة قوله تعالى: شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [آل عمران:18]. ومعناها: لا معبود بحق إلا الله وحده (لا إله) نافياً ما يعبد من دون الله. (إلا الله) مثبتاً العبادة لله وحده لا شريك له في عبادته، كما أنه ليس له شريك في ملكه. وتفسيرها الذي يوضحها قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ إِنَّنِي بَرَاء مِّمَّا تَعْبُدُونَ (26) إِلَّا الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ (27) وَجَعَلَهَا كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [الزخرف:26-28]. وقوله تعالى: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران:64]. ودليل شهادة أن محمداً رسول الله قوله تعالى: لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ [التوبة:128]. ومعنى شهادة أن محمداً رسول الله: طاعته فيما أمر، وتصديقه فيما أخبر، واجتناب ما نهى عنه وزجر، وأن لا يعبد الله إلا بما شرع. ودليل الصلاة والزكاة وتفسير التوحيد قوله تعالى: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة:5]. ودليل الصيام قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ َ [البقرة:183]. ودليل الحج قوله تعالى: ولِلَّهِ عَلَى الناسِ حِجُّ البَيِت مِنَ استَطَاعَ إلَيهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإنَّ الَّلهَ غَني عِن العَالَمِينَ [آل عمران:97]. المرتبة الثانية: الإيمان: وهو بضع وسبعون شعبة، فأعلاها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق، والحياء شعبة من الإيمان. وأركانه ستة: أن تؤمن بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره شره. والدليل على هذه الأركان الستة قوله تعالى: لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ [البقرة:177]. ودليل القدر قوله تعالى: إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ [القمر:49]. المرتبة الثالثة: الإحسان: ركن واحد، وهو: ( أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ). والدليل قوله تعالى: إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ [النحل:128]. وقوله تعالى: وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (217) الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [الشعراء:217 ـ220]. وقوله تعالى: وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ [يونس:61]. والدليل من السنة: حديث جبريل المشهور عن عمر بن الخطاب قال: ( بينا نحن جلوس عند النبي إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، فجلس إلى النبي فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، وقا ل: يا محمد أخبرني عن الإسلام. قال: { أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا }. قال: صدقت. فعجبنا له يسأله ويصدقه. قال: أخبرني عن الإيمان. قال: { أن تؤمن بالله وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وبالقدر خيره وشره } قال: أخبرني عن الإحسان. قال: { أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك } قال أخبرني عن الساعة. قال: { ما المسؤول عنها بأعلم من السائل }. قال: أخبرني عن أماراتها. قال: { أن تلد الأمة ربتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان } قال: فمضى. فلبثنا ملياً. فقال: { يا عمر أتدرون من السائل } قلنا: الله ورسوله أعلم. قال: { هذا جبريل أتاكم يعلمكم أمر دينكم }. الأصل الثالث: معرفة نبيكم عليه الصلاة والسلام
وهو محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم. وهاشم من قريش، وقريش من العرب، والعرب من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل، عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام. وله من العمر ثلاث وستون سنة، منها أربعون قبل النبوة، وثلاث وعشرون نبياً رسولاً. نبىء بـ اقْرَأْ وأرسل بـ الْمُدَّثِّرُ . وبلده مكة، بعثه الله بالنذارة عن الشرك، ويدعو إلى التوحيد. والدليل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُن تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ [المدثر:1ـ7]. ومعنى قُمْ فَأَنذِرْ ينذر عن الشرك ويدعو إلى التوحيد وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ عظمه بالتوحيد وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ أي طهر أعمالك من الشرك وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ الرجز: الأصنام، وهجرها تركها وأهلها والبراءة منها وأهلها، أخذ على هذا عشر سنين يدعو إلى التوحيد، وبعد العشر عرج به إلى السماء، وفرضت عليه الصلوات الخمس، وصلى في مكة ثلاث سنين، وبعدها أمر بالهجرة إلى المدينة. والهجرة فريضة على هذه الأمة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام، وهي باقية إلى أن تقوم الساعة: والدليل قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيراً (97) إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً (98) فَأُوْلَـئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوّاً غَفُوراً النساء:97 ـ99]. وقوله تعالى: يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ [العنكبوت:56]. قال البغوي رحمه الله: ( سبب نزول هذه الآية في المسلمين الذين في مكة لم يهاجروا، ناداهم الله باسم الإيمان ). والدليل على الهجرة من السنة قوله : { لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة، ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها }. فلما استقر في المدينة، أمر ببقية شرائع الإسلام، مثل الزكاة، والصوم، والحج، والأذان، والجهاد، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وغير ذلك من شرائع الإسلام. أخذ على هذا عشر سنين، وبعدها توفي، صلاة الله وسلام عليه، ودينه باقٍ. وهذا دينه لا خير إلا دله الأمة عليه، ولا شر إلا حذرها منه، والخير الذي دلها عليه: التوحيد، وجميع ما يحبه الله ويرضاه. والشر الذي حذرها منه: الشرك وجميع ما يكره الله ويأباه، بعثه الله إلى الناس كافة، وافترض طاعته على جميع الثقلين: الجن والإنس. والدليل قوله تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً [الأعراف:158]. وكمل الله به الدين. والدليل قول تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِيناً [المائدة:3]. والدليل على موته قوله تعالى: إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ (30) ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِندَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ [الزمر:31،30]. والناس إذا ماتوا يبعثون، والدليل قوله تعالى: مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى [طه:55]. وقوله تعالى: وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتاً (17) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجاً [نوح:18،17]. وبعد البعث محاسبون ومجزيون بأعمالهم. والدليل قول تعالى: وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ لِيَجْزِيَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا بِمَا عَمِلُوا وَيَجْزِيَ الَّذِينَ أَحْسَنُوا بِالْحُسْنَى [النجم:31]. ومن كذب بالبعث كفر. والدليل قوله تعالى: زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَن لَّن يُبْعَثُوا قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ ثُمَّ لَتُنَبَّؤُنَّ بِمَا عَمِلْتُمْ وَذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [التغابن:7]. وأرسل الله جميع الرسل مبشرين ومنذرين. والدليل قوله تعالى: رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ [النساء:165] وأولهم نوح عليه السلام، وآخرهم محمد وهو خاتم النبيين. والدليل على أن أولهم نوح قوله تعالى: إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ [النساء:163]. وكل أمة بعث الله إليها رسولاً من نوح إلى محمد يأمرهم بعبادة الله وحده، وينهاهم عن عبادة الطاغوت. والدليل قوله تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ [النحل:36]. وافترض الله على جميع العباد الكفر بالطاغوت، والإيمان بالله. قال ابن القيم رحمه الله: ( معنى الطاغوت ما تجاوز به العبد حده من معبود، أو متبوع، أو مطاع ). والطواغيت كثيرون، رؤوسهم خمسة: إبليس لعنه الله، ومن عبد وهو راض، ومن دعا الناس إلى عبادة نفسه، ومن ادعى شيئاً من علم الغيب، ومن حكم بغير ما أنزل الله. والدليل قوله تعالى: لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْد مِن الْغَي فَمَن يَكْفُرْ بالطَّاغُوت وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انَفِصَام لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [البقرة:256]. وهذا هو معنى ( لا إله إلا الله ). وفي الحديث: { رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله }. والله أعلم... تمت الأصول الثلاثة.
دمعات قلب مشرف منتدى الرأى العام
عدد الرسائل : 1120 المزاج : وحيد مزاجى : رقم العضوية : 19 النوع : sms : سلاما علي الدنيا
اذا لم يكن بها صديقا صدوقا صادق الوعد منصفا
سبحان الله وبحمده .سبحان الله العظيم تاريخ التسجيل : 04/03/2008
أسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يتولاك في الدنيا والآخرة، وأن يجعلك مباركاً اينما كنت، وأن يجعلك ممن إذا أعطي شكر، وإذا ابتلي صبر، وإذا أذنب استغفر، فإن هؤلاء الثلاث عنوان السعادة. اعلم أرشدك الله لطاعته: أن الحنيفية ملة إبراهيم أن تعبد الله وحده مخلصاً له الدين، كما قال تعالى: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات:56]، فإذا عرفت أن الله خلقك لعبادته فاعلم أن العبادة لا تسمى عبادة إلا مع التوحيد، كما أن الصلاة لا تسمى صلاة إلا مع الطهارة، فإذا دخل الشرك في العبادة فسدت، كالحدث إذا دخل في الطهارة، فإذا عرفت أن الشرك اذا خالط العبادة أفسدها وأحبط العمل وصار صاحبه من الخالدين في النار، عرفت أن أهم ما عليك: معرفة ذلك، لعل الله أن يخلصك من هذه الشبكة وهي الشرك بالله الذي قال الله تعالى فيه: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ [النساء:48]، وذلك بمعرفة أربعة قواعد ذكرها الله تعالى في كتابه: القاعدة الأولى
أن تعلم أن الكافرين الذين قاتلهم رسول الله ، مقرون بأن الله تعالى هو الخالق الرازق المدبر، وأن ذلك لم يدخلهم في الإسلام، والدليل قوله تعالى: قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ [يونس:31]. القاعدة الثانية
أنهم يقولون: ما دعوناهم وتوجهنا إليهم إلا لطلب القربى والشفاعة. فدليل القربة قوله تعالى: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ [الزمر:3]. ودليل الشفاعة، قوله تعالى: وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَـؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ [يونس:18]. والشفاعة شفاعتان: شفاعة منفية، وشفاعة مثبتة: فالشفاعة المنفية: ما كانت تطلب من غير الله فيما لا يقدر عليه إلا الله، والدليل قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَنفِقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ يَوْمٌ لاَّ بَيْعٌ فِيهِ وَلاَ خُلَّةٌ وَلاَ شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ [البقرة:254]. والشفاعة المثبتة: هي التي تطلب من الله، والشافع مكرم بالشفاعة، والمشفوع له من رضي الله قوله وعمله - بعد الإذن - كما قال تعالى: مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ [البقرة:255]. القاعدة الثالثة
أن النبي ظهر في اناس متفرقين في عباداتهم، منهم من يعبد الملائكة، ومنم من يعبد الأنبياء والصالحين، ومنهم من يعبد الاشجار والأحجار، ومنهم من يعبد الشمس والقمر، وقاتلهم رسول الله ، ولم يفرق بينهم، والدليل قوله تعالى: وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلّه [الأنفال:39]. ودليل الشمس والقمر: قوله تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [فصلت:37]. ودليل الملائكة: قوله تعالى: وَلاَ يَأْمُرَكُمْ أَن تَتَّخِذُواْ الْمَلاَئِكَةَ وَالنِّبِيِّيْنَ أَرْبَاباً [آل عمران:80]. ودليل الأنبياء: قوله تعالى: وَإِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ [المائدة:116]. ودليل الصالحين: قوله تعالى: أُولَـئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ [الإسراء:57]. ودليل الاشجار والأحجار: قوله تعالى: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى [النجم:20،19]، وحديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه، قال: { خرجنا مع النبي إلى حنين - ونحن حدثاء عهد بكفر - وللمشركين سدرة يعكفون عندها وينوطون بها أسلحتهم، يقال لها ذات انواط، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسول الله، أجعل لنا ذات أنواط كما لهم ذات انواط } الحديث. القاعدة الرابعة
أن مشركي زماننا أغلظ شركاً من الأولين، لأن الأولين يشركون في الرخاء، ويخلصون في الشدة، ومشركي زماننا شركهم دائماً في الرخاء والشدة، والدليل: قوله تعالى: فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ [العنكبوت:65]. تمت وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم وهذا الموضوع من كلمات الشيخ محمد بن عبد الوهاب .
روميو مشرف منتدى مصر بلدى
عدد الرسائل : 1043 المزاج : عاشق مزاجى : البلد : رقم العضوية : 15 النوع : sms :