السلام عليكم ورحمه الله
أثره في الأخرين (دعوته وتعليمه)
روي أن أبا الدرداء كتب إلى سلمان يا أخي اغتنم صحتك وفراغك قبل أن ينزل بك من البلاء مالا يستطيع العباد رده واغتنم دعوة المبتلى يا أخي ليكن المسجد بيتك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول المساجد بيت كل تقي وقد ضمن الله عز وجل لمن كانت المساجد بيوتهم بالروح والرحمة والجواز على الصراط إلى رضوان الله عز وجل ويا أخي ارحم اليتيم وأدنه وأطعمه من طعامك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وأتاه رجل يشتكي قساوة قلبه فقال رسول الله أتحب أن يلين قلبك فقال نعم قال أدن اليتيم منك وامسح رأسه وأطعمه من طعامك فإن ذلك يلين قلبك وتقدر على حاجتك يا أخي لا تجمع ما لا تستطيع شكره فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يجاء بصاحب الدنيا يوم القيامة الذي أطاع الله عز وجل فيها وهو بين يدي ماله وماله خلفه وكلما تكفأ به الصراط قال له صاحبه امض فقد أديت الحق الذي كان عليك قال ويجاء بالذي لم يطع الله عز وجل فيه وماله بين كتفيه فيعثره ماله ويقول له ويلك هلا عملت بطاعة الله عز وجل فلا يزال كذلك حتى يدعو بالويل ويا أخي لا تغترن بصحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنا عشنا بعده دهرا طويلا والله أعلم بالذي أصبنا بعده0
وعن عبد الرحمن بن محمد المحاربي قال بلغني أن أبا الدرداء كتب إلى أخ له أما بعد فلست في شيء من أمر الدنيا إلا وقد كان له أهل قبلك وهو صائر له أهل بعدك وليس لك منه إلا ما قدمت لنفسك فآثرها على المصلح من ولدك فإنك تقدم على من لا يعذرك وتجمع لمن لا يحمدك وإنما تجمع لواحد من اثنين إما عامل فيه بطاعة الله عز وجل فيسعد بما شقيت وإما عامل فيه بمعصية الله عز وجل فيشقى بما جمعت له وليس والله واحد منهما بأهل أن تبرد له على ظهرك وأن تؤثره على نفسك ارج لمن مضى منهم رحمة الله وثق لمن بقي منهم برزق الله عز وجل والسلام 0
وعن أبي الدرداء أنه كان إذا نزل به الضيف قال: أمقيم فنسرح أم ظاعن فنعلف؟ فإن قال ظاعن قال: لا أجد شيئا خيرا من شيء أمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ جاء ناس من الفقراء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا رسول الله ذهب الأغنياء بالأجر يجاهدون ولا نجاهد ويحجون ويفعلون ولا نفعل. فقال: ألا أدلكم على ما إذا أخذتم به أدركتم أو جئتم بأفضل مما يأتون به؟ تكبرون الله أربعا وثلاثين وتسبحون الله ثلاثا وثلاثين وتحمدون الله ثلاثا وثلاثين في دبر كل صلاة.
وأبصر أبو الدرداء رجلا في جنازة وهو يقول: جنازة من هذا؟ فقال أبوالدرداء: هذا أنت هذا أنت، يقول الله تعالى: "إنك ميت وإنهم ميتون".
وعن أبي السفر قال: دفع رجل من قريش رجلا من الأنصار فاندقت ثنيته فرفعه الأنصاري إلى معاوية فلما ألح عليه الرجل قال معاوية: شأنك وصاحبك! قال وأبو الدرداء عند معاوية فقال أبو الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من مسلم يصاب بشيء من جسده فيهبه إلا رفعه الله به درجة وحط عنه به خطيئة" فقال له الأنصاري: أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: سمعته أذناي ووعاه قلبي! فخلّى سبيل القرشي فقال معاوية: مُروا له بمال.
وعن معدان بن أبي طلحة اليعمري قال قال لي أبو الدرداء أين مسكنك قلت بقرية دون حمص قال أبو الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليك بالجماعة فإن الذئب يأكل القاصية"
وعن أبي قلابة أن أبا الدرداء مر على رجل قد أصاب ذنبا فكانوا يسبونه فقال أرأيتم لو وجدتموه في قليب ألم تكونوا مستخرجيه قالوا بلى قال فلا تسبوا أخاكم واحمدوا الله عز وجل الذي عافاكم قالوا أفلا تبغضه قال إنما أبغض عمله فإذا تركه فهو أخي
ويروى عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قام على درج مسجد دمشق فقال يا أهل دمشق ألا تسمعون من أخ لكم ناصح إن من كان قبلكم كانوا يجمعون كثيرا ويبنون مشيدا ويأملون بعيدا فأصبح جمعهم بورا وبنيانهم قبورا وأملهم غرورا هذه عاد قد ملأت البلاد أهلا ومالا وخيلا ورجالا فمن يشتري مني اليوم تركتهم بدرهمين0
وقيل كان في حلقة إقراء أبي الدرداء أزيد من ألف رجل ولكل عشرة منهم مُلِقِنٌ وكان أبو الدرداء يطوف عليهم قائما فإذا أحكم الرجل منهم تحول إلى أبي الدرداء يعني يعرض عليه
|
بعض ما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم |
روى مسلم بسنده عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْف عُصِمَ مِنْ الدَّجَّالِ وروى مسلم بسنده أيضًا عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ فِي لَيْلَةٍ ثُلُثَ الْقُرْآنِ قَالُوا وَكَيْفَ يَقْرَأْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ قَالَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ وروى الترمذي بسنده عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنْ الرِّفْقِ فَقَدْ أُعْطِيَ حَظَّهُ مِنْ الْخَيْرِ وَمَنْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنْ الرِّفْقِ فَقَدْ حُرِمَ حَظَّهُ مِنْ الْخَيْرِ وروى الترمذي بسنده أيضًا عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصِّيَامِ وَالصَّلَاةِ وَالصَّدَقَةِ قَالُوا بَلَى قَالَ صَلَاحُ ذَاتِ الْبَيْنِ فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَيُرْوَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ هِيَ الْحَالِقَةُ لَا أَقُولُ تَحْلِقُ الشَّعَرَ وَلَكِنْ تَحْلِقُ الدِّينَمن كلماته رضي الله عنهكان أبو الدرداء رضي الله عنه حكيمًا وأي حكيم، نقتطف زهراتٍ من بستان حكمته... يقول رضي الله عنه: لو أن رجلا هرب من رزقه كما يهرب من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموتويقول: من كثر كلامه كثر كذبه ومن كثر حلفه كثر إثمه ومن كثرت خصومته لم يسلم دينهوقال: من لم يعرف نعمة الله عليه إلا في مطعمه ومشربه فقد قل عمله وحضر عذابه ومن لم يكن غنيا عن الدنيا فلا دنيا لهوعن أنس عن أبي الدرداء قال أغد عالما أو متعلما أو مستمعا ولا تك الرابع فتهلك قلت للحسن ما الرابع قال المبتدعوعن حبيب بن عبيد أن رجلا أتى أبا الدرداء فقال له أوصني فقال له اذكر الله عز وجل في السراء يذكرك في الضراء فإذا أشرفت على شيء من الدنيا فانظر إلى ماذا يصيرعن أبي الدرداء أنه قال ذروة الإيمان الصبر للحكم والرضا بالقدر والإخلاص للتوكل والإستسلام للرب عز وجلوعن معاوية بن صالح عن أبي الدرداء قال إذا أصبح الرجل اجتمع هواه وعمله فإن كان عمله تبعا لهواه فيومه يوم سوء وإن كان هواه تبعا لعمله فيومه يوم صالحوقيل لأبي الدرداء: مالك لا تقول الشعر. وكل لبيب من الأنصار قال الشعر، فقال: وأنا قد قلت شعرا فقيل وما هو فقال:يريد المرء أن يؤتى مناه... ويأبى الله إلا ما أرادايقول المرء فائدتي ومالي... وتقوى الله أفضل ما استفاداوقال رضي الله عنه:ليس الخير أن يكثر مالك وولدك ولكن الخير أن يعظم حلمك ويكثر علمك وأن تنادي الناس في عبادة الله فإذا أحسنت حمدت الله وإذا أسأت استغفرت اللهوقال أيضًا:لا تتبع بصرك كل ما ترى في الناس فإنه من يتبع بصره كل ما يرى في الناس يطل حزنه ولا يشفى غيظه ومن لا يعرف نعمة الله عليه إلا في مطعمه أو في مشربه فقد قل عمله وحضر عذابه ومن لم يكن غنيا في الدنيا فلا دنيا لهومن أقواله: إني لآمركم بالأمر وما أفعله ولكني أرجو فيه الأجر وإن أبغض الناس إلي أن أظلمه من لا يستعين علي إلا باللهوكتب أبو الدرداء إلى مسلمة بن مخلد الأنصاري: أما بعد فإن العبد إذا عمل بطاعة الله أحبه الله فإذا أحبه الله حببه إلى خلقه وإذا عمل بمعصية الله أبغضه الله فإذا أبغضه الله بغضه إلى خلقه وقال رضي الله عنه: أُحبُّ الموت اشتياقا إلى ربي عز وجل، وأحب الفقر تواضعا لربي عز وجل وأحب المرض تكفيرا لخطيئتيوقال: استعيذوا بالله من خشوع النفاق قيل وما خشوع النفاق؟ قال أن يرى الجسد خاشعا والقلب ليس بخاشع.وعن يحيى بن سعيد قال قال أبو الدرداء أدركت الناس ورقا لا شوك فيه فأصبحوا شوكا لا ورقة فيه إن نقدتهم نقدوك وإن تركتهم لا يتركوك قالوا فكيف نصنع قال تقرضهم من عرضك ليوم فقرك.وكان رضي الله عنه يقول اللهم إني أعوذ بك من تفرقة القلب، قيل: وما تفرقة القلب؟ قال أن يوضع لي في كل واد مال...وقال رضي الله عنه: إن العبد ليخلوا بمعصية الله تعالى فيلقي الله بغضه في قلوب المؤمنين من حيث لا يشعرومن أقواله أيضًا: صلوا في ظلمة الليل ركعتين لظلمة القبور صوموا يوما شديدا حره لحر يوم النشور تصدقوا بصدقة لشر يوم عسيروقال: من أكثر ذكر الموت قل فرحه وقل حسدهومن حكمه رضي الله عنه قوله: تمام التقوى أن يتقي الله العبد حتى يتقيه من مثقال ذرة وحتى يترك بعض ما يرى أنه حلال خشية أن يكون حراما حجابا بينه وبين الحرام ومن أقواله أيضًا: من أتي فراشه وهو ينوي أن يصلي من الليل فغلبته عيناه حتى يصبح كتب له ما نوىوقال رضي الله عنه: إن الله إذا قضى قضاء أحب أن يرضى به.
| موقف الوفاة |
عن معاوية بن قرة أن أبا الدرداء اشتكى فدخل عليه أصحابه فقالوا ما تشتكي قال أشتكي ذنوبي قالوا فما تشتهي قال أشتهي الجنة قالوا أفلا ندعو لك طبيبا قال هو الذي أضجعني وعن لقمان بن عامر عن أم الدرداء أنها قالت اللهم إن أبا الدرداء خطبني فتزوجني في الدنيا اللهم فأنا أخطبه إليك فأسألك أن تزوجنيه في الجنة فقال لها أبو الدرداء فإن أردت ذلك وكنت أنا الأول فلا تزوجي بعدي قال فمات أبو الدرداء وكان لها جمال وحسن فخطبها معاوية فقالت: لا والله لا أتزوج زوجا في الدنيا حتى أتزوج أبا الدرداء إن شاء الله عز وجل في الجنة... وعن أم الدرداء أن أبا الدرداء لما احتضر جعل يقول من يعمل لمثل يومي هذا من يعمل لمثل ساعتي هذه من يعمل لمثل مضجعي هذا ثم يقول ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة ودعا ابنه بلالًا فقال له: ويحك يا بلال! اعمل للساعة اعمل لمثل مصرع أبيك واذكر به مصرعك وساعتك فكأن قد ثم قبض، ولما نزل الموت بأبي الدرداء بكي فقالت له أم الدرداء: وأنت تبكي يا صاحب رسول الله قال: نعم وما لي لا أبكي ولا أدري علام أهجم من ذنوبي وقال شميط بن عجلان: لما نزل بأبي الدرداء الموت جزع جزعا شديدا فقالت له أم الدرداء: ألم تك تخبرنا أنك تحب الموت قال: بلى وعزة ربي ولكن نفسي لما استيقنت الموت كرهته ثم بكى وقال: هذه آخر ساعاتي من الدنيا لقنوني " لا إله إلا الله " فلم يزل يرددها حتى مات مات أبو الدرداء رضي الله عنه وأرضاه سنة اثنتين وثلاثين بدمشق. وقيل: سنة إحدى وثلاثين تم النقل من رجال حول الرسول وارجو ان اكون نقلتها كما هي دون نقص وادعو للكاتب ولاتنسونا من صالح الدعاء يا نادما علي الذنوب اين اثر ندمك . |
|