قدر الله لي أن أصلي في أحد المساجد صلاة العشاء , فقام بعد الصلاة احد المشايخ -- من مغسلي الأموات-- فقال هذه القصة وقد رواها له أحد الأشخاص الذين حصلت معه هذه القصة , يقول هذا الشخص : والله الذي لا إله إلا هو لقد خرجت من الرياض وما في بالي أن أعمل طاعة واحدة لله سبحانه وتعالى : ثم يردف فيقول هذا الشخص : كنا مجموعة من الشباب ذاهبين إلى الدمام من الرياض , ونحن في الطريق شاهدنا أحد اللوحات مكتوب عليها ( الدمام 300 كلم ) .
فقلت لهم : أنا أرى ( جهنم 300 كلم ) , فجلسوا يضحكون من هذه الدعابة .
فقلت لهم : والله العظيم إني لا أرى أمامي مكتوب إلا (جهنم 300 كلم ) , فتركوني وهم مكذبين لي, ومضى الوقت في ضحك وأنا ظللت محتاراً من اللوحة التي قرأتها .
فقال لي زملائي : هذه لوحة أخرى , لقد اقتربنا , انظر ماذا كتب عليها : ( الدمام 200 كلم ) .
فقلت لهم : (جهنم 200 كلم ) .
فضحكوا وقالوا لي : يامجنون .
فقلت لهم : والله الذي لا إله إلا هو أنني أراها (جهنم 200كلم ) .
فضحكوا مثل المرة الأولى , وقالوا لي : إنك أزعجتنا , فلزمت الصمت وأنا في غاية التفكير .
وبعد فترة نظرنا إلى لوحة أخرى فقال أصحابي : لم يبق إلا القليل , انظر إلى اللوحة.
فقلت لهم : والله العظيم إني لا أراها مكتوب عليها إلا( جهنم 100 ) .
قالوا لي : دع عنك الجنون , فقد آذيتنا منذ بداية السفر .
فقلت لهم : أنزلوني أريد العودة إلى الرياض.
فقالوا لي : أنت مجنون !
قلت : لابد أن تنزلوني أريد العودة إلى الرياض , والله لن أكمل معكم الطريق.
فأنزلوني في الطريق , وقطت الطريق باتجاه الطريق الآخر المؤدي إلى الرياض , وأخذت اشير لكل سيارة تمر لكي تنقلني معها إلى الرياض.
وبعد انتظار وطول صبر توقفت لي إحدى الشاحنات وركبت فيها , ووجدت السائق ساهماً وحزيناً فقلت له : لماذا أنت حزين ؟.
فقال لي : مررت قبل فترة وشاهدت حادثاً لم أر أبشع منه في الطريق المقابل , ووالله لم ار أبشع ولا أفضع منه في حياتي .
فقلت له : هل هم عائلة أم من الشباب؟ .
فقال لي : بل هم من الشباب , وذكر لي نوع سيارتهم , ( وكانت مواصفتها تتطابق مع سيارة زملائي ).
فذهلت وقلت له : اسألك بالله هل هي ماذكرت؟.
قال : والله العظيم إن هذا هو ماذكرته .
فعلمت أن الله سبحانه وتعالى قد قدر الله لأصحابي ان يموتوا في هذا الحادث بعدما طلبت منهم أن ينزلوني من السيارة واكملوا طريقهم .
يقول صاحب القصة : فحمدت الله على أنه قد أنقذني من بينهم , ولا ادري هل هم إلى جهنم وبئس المصير, كما كنت أقرأ في اللوحات , ولا أود أن يكون مصيرهم ذلك , لأني والله كنت قد خرجت من الرياض وليس في نيتي أن أعمل لله عمل طاعة أبداً .
يقول الشيخ : وهو الآن رجل خير , عليه سمات الصلاح بعد أن فقد زملاءه في هذه القصة , ثم تاب بعدها .
وأقول لك يا أخي الحبيب : هل تنتظر أن يذهب أربعة أو خمسة من زملائك إلى جهنم حتى تتعظ وتتوب أنت؟.
ومايدريك انت , فقد لا تكون أنت الذي تتوب بسبب موت أصحابك , بل قد تكون أنت الذي يتوب أصحابك بسبب موتك على المعاصي والفساد والعياذ بالله .
اللهم لا تجعلنا عبرة للناس , واجعلنا نعتبر بما يحدث لهم , وبما يدور حولنا , اللهم آمين..